لاله.. ثمانية أعوام على كرسي متحرك وسط مجتمع يزيد أوجاع النساء
لاله.. ثمانية أعوام على كرسي متحرك وسط مجتمع يزيد أوجاع النساء
في أحد أحياء مدينة كرماشان الإيرانية، تجلس لاله. ك، على كرسيها المتحرك، تتأمل نافذة صغيرة تطل على الشارع، منذ زلزال عام 2017، حين انهار عليها جدار وهي تحاول إنقاذ طفلها، لم تعد خطواتها تعرف الأرض، انقطاع النخاع الشوكي حرمها المشي، وأخذ منها حياتها كما عرفتها، تاركًا جرحًا لا يندمل في جسدها وروحها.
تقول بصوت يختلط بالأسى: "نسيت كيف يكون المشي، وصرت عاجزة عن إنجاز أي شيء بمفردي، ما يؤلمني أكثر من إصابتي هو أن والدتي، التي كان يجب أن أكون سندًا لها، أصبحت هي من تحملني يومًا بيوم، فيما تكاليف العلاج والرعاية تفوق قدرتنا"، وفق وكالة "JINHA"، اليوم السبت.
والدة لاله، التي فقدت حفيدها في الزلزال نفسه، تحولت إلى ممرضة بدوام كامل، تقول وهي تحاول إخفاء تعبها: “لا نستطيع وضعها في مراكز الرعاية، فهي لا توفر العناية اللازمة، كل يوم أساعدها في تغيير وضعيتها لتجنب تقرحات الفراش، وأرافقها للعلاج الفيزيائي، وأشتري الأدوية من السوق لأن معظمها غير مشمول بالتأمين، الدعم الحكومي لا يتجاوز مليوني تومان، ولا يغطي شيئًا”.
كلمات تقتل أكثر من الألم
لكن المال ليس العائق الوحيد.. الأم تروي ما تسمعه ابنتها من كلمات جارحة: “يقولون لها ليتك متِّ بدل أن تصابي، أو ليتك كنتِ رجلاً حتى نجد من يتزوجك ويعتني بك، هذه الكلمات تقتلها أكثر من الألم الجسدي”.
وبعد إصابتها، تخلى زوج لاله عنها، القرار لم يكن صادمًا لها بقدر ما كانت صادمة ردود فعل المجتمع الذي سوغ له ذلك.
توضح لاله: “في مجتمعنا، إذا أصيب الرجل بإعاقة، يُتوقع من زوجته أن تبقى معه مدى الحياة، لكن إذا كانت المرأة هي المصابة، فالرجل ليس ملزمًا بالبقاء، رأيت رجالاً يعانون مثل حالتي، ومع ذلك يُسعى لتزويجهم، لأن المرأة بالنسبة لهم مجرد أداة للرعاية، أما الرجل فلا يُطلب منه الشيء نفسه”.
المفارقة القاسية في حياة لاله أن حقوقها كامرأة تتبخر مع أول اختبار قاسٍ، في منطق المجتمع، يمكن للمرأة "السليمة" أن تعيش مع رجل "ناقص"، لكن لا يُقبل أن يعيش الرجل مع امرأة لا تستطيع خدمته.
"إن لم تكن المرأة قادرة على أداء دورها كخادمة، تُستبعد ببساطة وتُترك لمصيرها"، تقول لاله بأسى.
جرح أعمق من الإصابة
معركة لاله اليومية ليست فقط مع الألم الجسدي، بل مع نظام اجتماعي يضاعف أوجاع المرأة. فإعاقتها جعلتها تواجه حرمانًا مضاعفًا: من العلاج الكافي، ومن الدعم المالي، ومن الحق في حياة زوجية متكافئة.
تختم لاله حديثها، قائلة: “أعرف أن إصابتي لن تشفى، لكن ما أتمناه أن يرى المجتمع المرأة إنساناً كاملاً، لا جسداً يؤدي خدمة، يوم نفهم هذا، سيكون الألم أخف ولو قليلاً”.